(
عند طلوع الضوء وإشراق الصباح ، أراد يوسف أن يغسل بيته لوجود الناموس ،
أغلق باب الدار ، وخلع حذائه لئلا يدوس فوق الماء ويلوث الأرض ، وأزاح
المقاعد وأحواض الزرع ، خطط طريقة الغسل ، بحث قليلاً ، ورفع الماء من
البئر ، وقام بتسخينها حتى تعالى صوت غليانها و صبها في أرض الدار بالوعاء
، لعدم وجود خزان ماء وأنابيب في منزلهم ، وحف الأرض المتسخة والدبقة ،
وخلع حزامه و لباساً يرتديه و رماه خلفه ، خشية أن يتسخ بالهباب الأسود ،
ليكون لباسه فضفاضاً، ثم تمهل قليلاً وبعدها قفز فوق الماء ، فتعثر بكومة
أخشاب ، وسقط سقطة أليمة وجرحت يده ، شتم ونادى : يا أماه يا أبتاه ،
فجاءت أمه وبيدها وعاء الطبخ وملعقة كبيرة ، وقالت : واه ، لماذا تبحث بين
الأغراض مثل الأطفال الصغار ، كان يجب أن تمسك بالسور الحديدي ، وهل عيناك
مغمضتان وقواك ضعيفة ، اجلس على عتبة الباب وتنحى جانباً ، وضربته ، وجلبت
له قطعة قماش وربطتها بعد غسلها بالماء ، وتناثر الماء فأصاب رداءها ،