قد يظن البعض أن العقل هو موهبة ومنحة يملكها البعض ويفقدها البعض الآخر، ولكن المؤلف وهو طبيب أعصاب يعارض ذلك، ويقدم الدليل بعد الدليل على أن العقل هو جهاز كبقية الأجهزة العضلية قابلة للنمو والتطور الى الأحسن والأفضل. والمؤلف في هذا الكتاب يقول إن أي إنسان يستطيع أن يحسن من أداء تفكيره وتشغيل عقله، وهو لا ينظر الى العوائق التي يراها البعض عند الآخرين.
يقال: إن كل إنسان معجب بنفسه وبعقله أيضا، وقلما نجد من يعترف بغبائه أو قلة حيلته العقلية وليس المادية ، فالكل يشكو من قلة المال ولا أحد يشكو من قلة العقل، فالكل مقتنع بما هو عليه، لأن العقل بذاته هو مبرمج أن يحسن ذاته، فالعقل عند الإنسان مبرمج أن يعمل على حماية نفسه ومستواه .
يذكر المؤلف عن 58 اختراعا قام بها أفراد ليسوا من أصحاب الاختصاص في عملهم، فهناك الطبيب البيطري الذي اخترع الإطارات الهوائية للسيارات ، وكمرات التصوير اخترعها كاتب إداري فى عمل ليس له علاقة بالضوء والأحماض.
ان قراءة هذا الكتاب تدفع الإنسان إلى إعادة التفكير فى أمور عديدة يشجعه عليها أن بالإمكان تسحين الحال إلى أحسن وأفضل، وأن للعقل قدرات هائلة، ولا يسخر الإنسان إلا 10% من قدراته التي منحها الله له ليستعين بها على حماية نفسه والبحث عن رزقه والعيش فى جماعة.
يقول المؤلف إننا جميعا لنا عقول متقاربة المستوى، أما اختلافاتنا فى الأفكار والإنجازات فذلك مرجعه الى الطريقة التي يستخدم كل واحد منا بها عقله أو بالأصح الطريقة التي يوجهنا بها عقلنا لأن نستخدمه.
أما عن عامل الوراثة فالمؤلف يرى أن تأثيره قليل ومحدود، بل إن تدريب العقل يعكس الوضع تماما، لأن عامل الوراثة يمكن التغلب عليه، ولأن استخدام العقل هو استخدام أ?ضل للبدائل المطر?حة دائما أمام العقل، فالواجب تدريب العقل على اختيار الأفضل بدلا من تركه لعامل الوراثة والحظ.
وهو يرى أن الإنسان يمكنه أن يتعرف على سلبياته وإيجابياته، فهو يضرب مثلا بالإنسان الذي يصيبه ارتباك فى المناسبات الرسمية، أو ذلك الإنسان الذي يتحسر على فشله فى المقابلة لشخصية والتي كان من الواجب أن يبدع فيها جدا ولكن إبداعه جاء متأخرا، فقد جاءته الإجابات الحكيمة واللماحة بعد الانتهاء من المقابلة، ويصيبه الندم!! ويتساءل كيف نزل عليه الوحي الآن ولم يأته أثناء المقابلة!! أي أن عقله قادر على الإجابة الحكيمة ولكنه عقله لم يخرجها فى الوقت المناسب. إن هذا الكتاب يسعى لتدريب العقل ليعمل فى الظروف المماثلة!! هذا الإنسان يحتاج الى تدريب مناسب لمواجهة كيف فات عليه ان يأتي أو أنه يفشل فى تقديم إجابات لماحة فى المقابلات الشخصية.
ويقول إن الإنسان هو الذي يضع المعتقدات الخاطئة عن نفسه، فأنت تسمع من يقول إنني أنا والحظ عدوان، وهناك من يقول إنني والنجاح لا علاقة بيننا؟ كل هذه الاعتقادات تعطيك طاقة داخلية ولكنها طاقة سلبية لانها لا تدفعك الى الأمام بل تشدك الى الخلف!! ولكن لو قلت إنك ستنجز كل ما وعدت به، فانك ستفعل وبكل تأكيد لأنك وضعت طاقة عقلك الخارقة في هدف إيجابي. لذا يجب أن تزيل كل المحبطات السلبية وتبدل بها أخرى إيجابية، لأنك لكي تساعد عقلك على النجاح يجب أن تستبدل السلبي من تفكيرك، وتبدل به الفكر الإيجابي.
ويقدم تشريحا علميا للدماغ ويقول: إن هناك ثلاثة أمخاخ لدى الإنسان المخ الأدنى والمخ الأوسط والمخ الأعلى، وهذا القسم أيضا ينقسم الى قسمين قسم أيمن وينتج هذا القسم التخيل والحدس وأما الأيسر ففيه التفكير المنطقي والاستنتاج .
ويقول الدكتور المؤلف إننا نستخدم المخ الأيسر أكثر كثيرا من المخ الأيمن وهذا أدى إلى أن أصيب المخ الأيمن المبدع المتخيل بالضمور عند كثير من الناس.
ويقول إن الأفكار لا تأتي من فراغ، وإنما تأتي استجابة لحاجة أو مشكلة أو رغبة، أي أن لها غرضا، ولكن هذه الأفكار تكون إبداعا في ظروف معينة، فأنت لا تستطيع الإبداع في أي وقت، ولكن يمكن خلق الجو الذي يظهر فيه الإبداع مثل:
تأتي الأفكار في أوقات الراحة والاسترخاء أكثر مما تأتي في أوقات التوتر والقلق. وفي فترات السعادة أكثر مما تأتي في أوقات الألم أو المعاناة.
الكتاب يقع في تسعة فصول جميعها تحمل عناوين شيقة لقراءتها مثل عنوان الفصل الثاني: الإبداع الذي غير العالم، وعنوان الفصل السادس: اصنع حظك بنفسك. كما أنه خصص فصلين للتدريب على تحسين أداء العقل والفكر.
إن قراءة هذا الكتاب ضرورة لكل إنسان يعمل أو يدرس أو يسعى إلى النجاح، ويزيد من قيمته العلمية أن الذي وضعه طبيب مختص له خبرته العلمية في الأعصاب والدماغ وعلى علم كبير بمقدرة وإمكانيات العقل الإنساني الذي هو منحة من الله للبشر