حين تكون الحقيقةُ قاسيةٌ لدرجة أن يبدو الأمل مستحيلاً, تعجز أيةُ وسيلة عن اختراق حاجز اليأس, لن يحملك عبر هذا الحاجز سوى قوة روحك, هي ما سيعينك على اجتياز المديات المظلمة والأبواب المقفلة في وقت ينهار به جسدك وتخور قواك الأخرى أمام القادم الرهيب.
..الموت..
الحقيقةُ الأزلية والمصير المحتوم.
قوةُ الروح... أزليةٌ أخرى... في مواجهةٍ أزلية الموت
هي القوة التي تنزٍع من الموت عدميتَه , تُحيلُه حياةً قادمة إن نظرت إلى الأمام وتحيله إلى معنى ,رضا وذكرى إذا مانظرت إلى الخلف.
قوة الروح هي مايرفع الحياة فوق المُعطى الماديِّ المباشر, بها تتسامى.. تسمو تحلِّقُ بجناحي الإيمان والمعنى..
.الإيمان.. .
لست وحدك أنت جزءٌ من قوةٍ أكبرُ منك وأكبرُ من الموت.. خالقة الموت!!..
وخالقةُ الحياة..
قوة تنزَع الحياة بالموت و تنتزع الحياةَ من الموت "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي" قوةٌ هي الخالق والخلق أنت جزء منها ومرتبط بها هي ابتدأتك وهي تعيدك أنت منها ولها
هي ما يجعل الموت تحرراً وانعتاقاً من حيِّز الجسد الضيق إلى رحابة الخالق.أن تعودَ إلى حيث بدأت إلى من رَعاك ويرعاك ويرعى من ترعى.. من يتكفلك ويتكفل من تتكفل.هي إذَن روحُك تعود للروح العظمى لتذوب فيها
أما جسدك فيكون تراباً تنمو عليه ألفُ سنبلةٍ تكون خبزاً,
ألف زهرةٍ يعطيها حبيب لحبيب, يكون رحيقها عسلاً, ويصير ورقها لبناً ترضعه أم لابنها...
وأما أنت فذِكرى ومعنى, فكرةٌ محلقة, دمعةٌ على خد وابتسامةٌ على شفة.
الإيمان أن تطمئن حين تنظر إلى الأمام إلى ماستكون عليه في هذه الصيرورة المتحولة تطمئن لأنك جزء منها مرتبط بسيدها.
المعنى
أن تطمئن حين تلتفت للخلف فترى أنك لم تكن عبثاً, تشعر بالرضى عما فعلت وبالاطمئنان لما قدمت ولما أنت مقدم عليه.
ستموت
كلنا سيفعل
لربما ستحزن لِحزننا عليك وأنت ترانا ندفن جسدَك اعتقاداً منا أنَّهُ أنت, ...جسدَك الذي انعتقت منه, وتنظر له نظرتَك إلى ثوب قديمٍ رثَّ..و لم يعد يقوى على حمل الروح فتخليت عنه و تركته ملحاً وزاداً للأرض.
لربما تمنيت أن يكون أحدنا معك فينعم بما تنعم من الانعتاق والانطلاق, حيث لا حدود لزمان اومكان, تعود إلى ينابيع الحيوية الأولى وإلى أزمنة البراءة إلى أمكنة الحب الأولى إلى أماكن منعت منها أو منعت عنك....إلى أماكن رغبت بها ورغبت عنك., تفعل ماتشاء وقتما تشاء كيفما تشاء لن تنتهي حريتك عند أي حد كان, أو عند بدء حرية أي كان ولا تنتهي عند حريتك حرية أي كان, تنعم بالحرية الفطرة لا تعرف حدوداً ليس لها ابتداء ليكون لها انتهاء, فكل ماكان ومن كان و ماسيكون منساح في كينونة واحدة هي مطلق الأشياء وعلتها وسببها.
لربما تمنيت أن يكون معك من أحببت
أنتَ وهي,
أنتِ وهو,
حيث لاسلطان عليكما سواكما ومن سوّاكُما, لا شيخوخة ترهق ولا حد يباعد ولا زمان يفرق, في انسياح الجزء في الكل أو المحدود في المطلق.
ما الموت يا عزيزي؟... سوى انعتاق المطلق من المحدود.